Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
13 octobre 2013 7 13 /10 /octobre /2013 22:45

ذهبت إلى المدرسة... ولم أدخلها

جوزف أبي ضاهر

إلى حفيدي «أودن» في اليوم الأول

لدخوله المدرسة 3/10/2013

صباح أمس ذهبت إلى المدرسة.

لأوّل مرّة أذهب إلى المدرسة.

لم يكن اسمي مكتوبًا في دفتر الدخول.

كان اسم حفيدي «أودن» مسجّلاً، فدخلت معه مختبئًا به.

دخلت إلى عالم جديد لم أعرفه.

غرف المدرسة فارغة حتّى من اللوح الأسود، ولا طبشورة لأتضارب بها مع «الرفاق»،

أو «لنخربش» معًا صورة «المعلّم» صاحب النظّارتين السميكتين والصوت الأجش.

كانت هناك عوضًا عنه «آنسة»، ربما، تلبس تنّورة لا طويلة ولا قصيرة، تصل نزولاً إلى حدّ الركبتين، وصعودًا الخصر المشدود شدًّا متقنًا. وهي في الشكل العام على شيء من الترتيب، يصل إلى ما يجمّل الوجه ويخفي ما لا تُسَر العين به.

لم أجد بين الطلاب من كان يلبس المريول الأسود، مثلي. كانت الألوان زاهية: زهر، أزرق سماوي، أو ما أضيف إلى المريول من خطوط الطول والعرض تزينًا، مع شارة على الصدر ترفع من شهرة المدرسة.

وقفت حائرًا، مرتبكًا.

لا يحمل أي تلميذ «بيتَ كتبٍ» خاطته له أمه، أو جدّته، وفي أحسن الأحوال جارة تعمل في الخياطة احترافًا وذوقًا.

حتّى أنني لم أجد «شنطة» عصريّة في يد أحد الصغار، الأكبر منّي عمرًا ومعرفة.

رأيت في أيديهم آلة متوسطة الحجم، أي وسع مساحة الكفّين أو ضعفهما. وسمعتهم يصفونها بالـ «آي باد». ويستعيضون بها عن الكتب والدفاتر والقرطاسيّة التي أخذت المدرسة مبلغًا عنها، ولو لم تكون موجودة، إضافة إلى القسط الذي وفّرته العائلة محسومًا من رواتب شهريّة في «قجة» أو «صرّة» لساعة الحساب، وقد أتت.

شددت بيدي على «بيتِ الكتبِ»، أو الكيس الأسود المعلّق من رقبتي، ومتدليًا جانبيًا إلى الخصر، شددت عليه للتأكد من أن «عروس الزعتر والزيت» ما تزال موجودة. ومضغت فراغًا في الفم وشهيّة. ليتهم وضعوا لي معها «عروس تين مطبوخ». النهار طويل، والقابلية على الأكل تنفتح مع اللعب والركض والصراخ مناداة وهيصة.

وثانية تحسّست «بيتَ الكتبِ» لأتأكد من أن اللوح الصغير في داخله لم ينكسر: «بعد بكّير تتصير تكتب بالريشه وتنقّط حبر ع صابيعك».

هذا «البكير»، أظنّه لم يعد موجودًا، ولا حاجة به «لرفاقي» الصغار، الأكبر منّي عمرًا. رأيتهم يكتبون بأصابعهم على الآلة الوسع الكفين أو ضعفهما، والتي تشبه اللوح الصغير الموجود في «بيتِ الكتبِ» معي... يكتبون، يرسمون، يقرأون، ولا خوف من نسيانهم جَدوَل الضرب والاحتساب السريع في الجمع والطرح والقسمة، ولا حاجة لأكل الزعتر والزيت «لتفتّح الذهن».

حين دخل «رفاقي» الجدد كلٌ إلى صفّه بقيت خارجًا، حتّى «أودن» حفيدي، دخل وبقيت خارجًا، لم ألحق به، ولم أختبئ به. خفت ينكشف أمري فيسخرون منّي، أنا الآتي من زمن الأحلام إلى واقعهم الذي لا أعرف عنه شيئًا.

 

عذرًا حفيدي «أودن»، لن أستطيع أن أكون معك، ولن أستطيع الاختباء بك، عمرك سبقني، سأرجع إلى البيت محنيّ الرأس، لم أستحق نعمة أن أكون في عمرك، وأكون لك رفيقًا في عمرٍ آتٍ سينظر إليَّ صورة بالأبيض والأسود.

Partager cet article
Repost0

commentaires