Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
5 juin 2018 2 05 /06 /juin /2018 15:40

عمّدوهم.... وجنّسوهم!

لا، لست مجنونا، بل أنا باحث عن الحق في جذوره.

لا، لست متعصبا، بل أنا طالب للحرية الشخصية وحرية الأديان وحرية الأوطان.

ألا ترون أنه في فوضى الوطن يصبح كل شيء معقولا ومن ثم مقبولا! وعندما لا يكون النظام المدني هو الحَكم والحاكم، يكون الوصول إلى الحقوق مرتبطا بالطائفة أو الزعيم... ويسود الاستنساب والظلم ويسيطر الظلام؟

وعلى مثال كهرباء الوطن ومياهه ونفاياته وصحته...، فالتجنيس أيضا أمر فيه حظر وفيه نظر وفيه خطر.

مرسوم 5247 عام 1994 الذي كان، كما قالوا، رغبة في توازنات طائفية، فَقَدَ التوازن وأفقد معه البلد التوازنات، والبلد أصلا واقف على كف عفريت. لهذا رُفع إلى مجلس الشورى، ومن ثم تحوّل من قبل هذا المجلس على وزارة الداخلية لإعادة الدرس! وفقد معه كثيرون جنسياتهم وانعدمت حقوقهم... وكل ذلك بسبب الفوضى والرشوة والزبائنية وقلة الشفافية وسؤ التدبير. واعترف الجميع أنه كان مرسوما في خدمة الانتخابات، وأنتم بما يحصل قبل الانتخابات وخلالها أدرى، وأنه ضرب للوفاق الوطني والعيش المشترك.

ثم أتضح أن عشرة آلاف مجنّس أصبحوا أكثر من مئة وخمسين ألفا، والشراهة الانتخابية تحولت إلى عملية تغيير ديموغرافي مخيف. هكذا ضاع الهدف الصالح من القانون الذي كان يريد رفع الظلم عن كثيرين لا يتمتعون بحق المواطنة، فإذا بهم أصبحوا مظلومين أكثر، وتعلقت حقوقهم بالهواء واتهموا بالغش الذي ربما لجئوا إليه من أجل حقهم في الوجود، فيما يسرح المرتشون ويمرحون. وما زال كثيرون من المجنسين مرتهنين للمرشحين والحاكمين، وملفاتهم تتنقل بين الدوائر الحكومية، والمسؤولون دائخون! وكثر المساكين الذين سحبت منهم الجنسية فأصبحوا غير موجودين وهم موجودون!

ثم دخل هذا المرسوم في عالم النسيان لكثرة هموم الناس، فلقمة العيش قبل بطاقة الهوية.

واليوم، 2018، وهذه المرة بعد الانتخابات وليس قبلها، ينفجر مرسوم جديد. انفجار يلفه الصمت. فالمرسوم يبدو مجهزا بكاتم للصوت، ورغم ذلك اخترق عناوين الصحف وأسرارها. يعتبره البعض تهريبا كتهريب الممنوعات، كون الجنسية اللبنانية من الممنوعات. فيما يشير البعض إلى كون بعض المجنّسين من المجرمين... أما ما هو الثمن؟ من دفع؟ ومن استفاد في غياب فائدة الوطن؟ وهل كان الثمن فقط مالا أم وطنا؟... الله أعلم

يتكلمون عن 300 اسم أو 400. ليس عددا كبيرا. يقال أن معظمهم من أصحاب الأموال الكثيرة. فهل هم أيضا مالكو عائلات كبيرة؟ يتكلمون عن أكثرية مسيحية من بينهم، فهل تكون كأكثرية 1994؟

وفي كل حال، إن سياسة الطائفية والمحاور والعداوات تقضي على كل خير، وتصبح مصائب قوم عند قوم فوائد، وتعود الشكوك النائمة لتنهض وتوقظ معها الهواجس القديمة:

هاجس توطين الفلسطينيين والسوريين. الذي زاد طينته بلة المرسوم رقم 10 الصادر عن الرئاسة السورية والذي فرض على المواطنين السوريين المقيمين والنازحين تقديم مستندات ملكية عقاراتهم خلال مهلة 30 يوما وإلاّ...، والمادة 49 في موازنة لبنانية بلا قطع حساب، تعطي حق الإقامة الدائمة لمن يشتري شقة في لبنان يتراوح سعرها بين 300 و500 ألف دولار، ولا تحسب للباقي أي حساب.

أما الهاجس الأكبر فلا شك هو ازدياد عدد المسلمين بالنسبة للمسيحيين، أكان بسبب التوطين أو بسبب البنين. وعدنا لنعدّ من جديد من هم الأكثرية في هذا البلد، المسيحيون أم المسلمون! وكم من الأبناء والأحفاد سينجبون؟ واضح أن المسيحيين يقل عددهم والمسلمون يزيدون!

لا شك بأن المسؤولين من أعلى الهرم إلى جميع العاملين بالملف يفهمون الأوضاع  أكثر من كثيرين منا. ولا أظن أن مرسوم التجنيس هذا صدر صدفة. فما عند المسؤولين ليس عندنا!

لكن مع احترامنا لمراسيمهم، والقوانين التي عليها يعتمدون، عندنا أسئلة فهل عندهم لهم أجوبه؟

هل فعلا نحن سائرون نحو التوطين؟ هل أصبح التوطين مفروضا وبِيعَ الوطن بالديون؟

        أليس أولاد الأم اللبنانية أحق من غيرهم بالحصول على الجنسية اللبنانية؟

أليس من ولد وعاش في لبنان منذ أكثر من عشر سنوات ولم يصدر منه إلا كل خير وعرق جبين أحق بالجنسية؟

أليس الفقير والمريض هو أحق بالجنسية وبالعناية من الغني والسليم؟

أليس من حق الشعب الذي أعطى السلطة أن يحاور السلطة ويطلع على الحقائق؟

إلى متى يستمر الاستنساب ويستمر الضعفاء بالوقوف على الأبواب؟

        هل يفرح بعض المسلمين السنة بالتوطين باعتبار أنهم يصبحون أكثرية فيحكمون الشيعة والمسيحيين؟...

        ولنعد إلى العنوان لعل فيه الحل وفيه أمان.

إذا كنا نريد التخلص من التغيير الديموغرافي، وما دام الجميع يتكلمون عن المناصفة وعن أهمية الحضور المسيحي في الشرق الذي بات مهددا من كل اتجاه، وما دمنا نؤمن بالحرية، فلماذا نخاف من طروحات بسيطة تصل ببساطتها إلى حد الجنون أحيانا؟ فكما أن كثيرين من السوريين والفلسطينيين وغيرهم يرغبون بالحصول على الجنسية اللبنانية، فكثيرون من المسلمين يرغبون في أن يصبحوا مسيحيين -وأقول هذا مع احترامي المطلق لحرية المسيحيين الذي يريدون أن يصبحوا مسلمين-، فلماذا لا يتعمّدون ويتجنسون؟

سؤال قد يدعو إلى الضحك والتعجب! لكن السؤال الأصعب الذي يدعو إلى التفكير والتعقل، هو التالي: هل سنصل يوما إلى هذا المستوى من الحرية؟ أم سنبقى نتكافر كلما تزوج مسيحي مسلمة أو مسلمة مسيحيا؟ أم سنبقى نتقاتل كلما تجنس إنسان في لبنان على أساس دينه وقومه؟

Partager cet article
Repost0

commentaires