Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
10 janvier 2012 2 10 /01 /janvier /2012 19:03

لماذا نفقد الأصدقاء؟

الفنار في 5/1/2011

كان لي صديقة في الصف الثالث الإبتدائي وكنتُ أحبّها كثيرًا. لكن يظهر أنّها لم تكن تبادلني نفس مشاعر الصداقة، بل كانت تصطنع ذلك، وأنا كنتُ أصدّقها.

 ذات يوم إختلفنا على موقع في الصف، هي تريد أن تقف شمالاً وأنا أيضًا. كبر الخلاف بيننا و"تسنكفنا" كما كنا نقول في تلك الأيام. حزنتُ جدًا لأني لم أكن أريدُ أن أخسر صديقتي، فهي أغلى عليّ من السبب الذي جعلنا نختلف ونتباعد.

كان ذلك في شهر ايار، وكانت شتلة الغاردينيا عندنا في عزّ عطائها، فقطفت عددًا من الزهور صباحًا ووضعتها في كيس صغير قبل أن يصل الأوتوكار. خطّطتُ لمصالحة لطيفة مع صديقتي. وعندما وصلتُ إلى ملعب المدرسة وأكتشفَتْ رفيقاتي إنني أحمل زهور الغاردينيا، جئن تطالبن بواحدة لكل منهن. فأعطيتهن بفرح ما معي، وأبقيتُ واحدةً لصديقتي التي لا تُكلِّمُني. عَلِمَتْ من الرفيقات أن معي غاردينيا. فركضت إليّ وطلبت واحدة لها.

 فسألتُها متعجبةً:" ولكنّكِ قلتِ لي أنّك لن تتحدثي معي بتاتًا، فماذا جرى؟ هل تصالحنا؟"

 فقالت لي:" نعم تصالحنا" وأخذت الغاردينيا. ودقَّ الجرس لندخل إلى الصف. فرحتُ لأنني إعتقدتُ أنني استعدتُ صديقتي. ولكن للأسف لم يمضِ النهار قبل أن أكتشف أمرًا أسواء. فعند فرصة الظهر نزلنا من الصف لنلعب، وعندما اقتربتُ لنلعب معًا، قالت لي:" إذهبي من هنا فنحن مسنكفين أي متخاصمتان". كاد قلبي أن يتوقف وأنا لا زلتُ في السادسة من عمري أتلقى صدمةً طعنتني في صميم قلبي، وخيبة أمل من فتاة كذبت عليّ، منحتها محبة صادقة فبادلتني كذبًا واستغلالاً ....

يومها ابتعدتُ عنها ومقتّها للكذب الذي يلفّها. شعرتُ بقساوة الحياة ولكنني لم اكن أعلم أن تلك الحادثة قد تتكرّر معي أو مع سواي في الحياة. وفي هذه الفترة تذكرت هذه الحادثة، وصرتُ أفكّر كثيرًا بمسألة مهمة جدًا وهي الصداقة، ومعناها، ومفهومها، وقيمتها التي تفوق أموال الأرض وكنوزها.

 من الممكن القول أن الصداقة الصافية والبريئة والصادقة هي نوع من القداسة. ومع ذلك نخسر أصدقاء كثر ونحن في طريق الحياة ومن دون سبب، أو نكتشف أنّهم يتقنّعون بالصداقة لأجل مآرب أخرى، ولا بدّ لهذا القناع أن يقع. أحيانًا نبتعد، وأحيانًا نحاول أن نصلح الأمر، وأن نمدّ اليد بصدق من جديد علّ موقفنا الإيجابي يغلب السلبية والجفاء والكذب، لأجل بناء علاقة صداقة من جديد. أحيانًا ننجح ولكن أحيانًا أخرى للأسف نفقد من أعطينا المحبّة الصافية وتنتهي الحكاية.

لكن لماذا نفقد الأصدقاء والأحباء من دون سبب؟ طريق الحياة طويلة وواسعة، نستطيع أن نمشي فيها جميعًا معًا بصدق وعفوية واحترام متبادل. ولكن ليس كلّ ما نرغب به يحصل، أو كلّ ما نحلم به يتحقّق! للأسف!

وللأسف نخسر أصدقاء وأحبّاء قضينا سويًا معهم أوقاتًا جميلة، تبادلنا أفكارنا ومشاعرنا بطمأنينة وثقة. فرحنا معًا وحزنّا معًا. ومعًا بنينا علاقة إنسانية متينة، تقاسمنا المأكل والمشرب، الخوف والأمان، الأحلام والأمنيات.... جمعتنا علاقة حرّة إلتزمنا فيها الصدق والثقة حتّى نهاية عمرنا.

معًا قضينا الأيام والأوقات والسهرات وأقمنا المشاريع البناءة. الطرقات صارت تعرفنا والأمكنة، والهواتف النقالة، والأرض التي نمشي عليها والسماء التي تظللنا! كم تبادلنا الأحاديث والآراء والضحكات والإبتسامات! كم صلينا معًا ورفعنا أدعية للمحبّة والسلام، التسامح والتلاقي، الإحترام والتواصل...

ولكن ماذا حصل للصلاة والآهات والضحكات؟ إذ من دون سبب أصبح الأصدقاء الأحبّاء غرباء، تفصلنا عنهم مسافات من البعد والجفاء والسكوت الذي يشبه سكوت القبور! نحبّهم، لكنّهم يتجاهلون المحبّة التي بنتها السنوات! نثق بهم، فإذ بهم يستغلّون هذه الثقة لنيل مآرب سخيفة وبالية! نسامحهم ونحترمهم فإذ بهم يستغلّون ذلك لتبديد الصداقة وإبدالها بأسواء التصرفات....!

هذه هي الدنيا، أصعب ما فيها أن نبني صداقة متينة. قد ينجح الإنسان ببناء ممالك وشركات وامتلاك الأموال الطائلة، ولكن الصداقة الصادقة هي الأصعب....

بعض الأصدقاء يبتعدون ولا نعرف السبب...لا يقولون شيئًا لكنهم يبتعدون... وبعضهم يتحولون، ومن دون سبب نفقد صداقتهم... والحياة تستمر بالأصدقاء الصامدين بالرغم من كلّ الظروف، ليصبحوا أيقونة للصداقة وذخيرة للحياة.

تحيةً إلى كلّ أصدقائي وصديقاتي وقد حافظوا على الودّ، وثابروا على الصدق.

وتحية إلى الذين فقدتهم لأنني لم أنسهم ...ولن أنساهم أبدًا، ولو هم ابتعدوا......

سأذكرهم في صلاتي.....

 

تريز حنا عون

Partager cet article
Repost0

commentaires