Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
13 mars 2011 7 13 /03 /mars /2011 21:38

بعد تونس ومصر... ديمقراطية الشارع العربي!

عالم الإجتماع الكبير إبن خلدون، الذي وُلد ومات في تونس وعاش في الأندلس يقول: " إن طبع العرب أنهم لا يقبلون بمُلك دون صبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة". لقد حدثت ثورتان في تونس ومصر، خُلع على أثرهما حاكمين مؤسِسين وُصما بالدكتاتورية على الرغم من اعتمادهما الإسلام ديناً للدولة. فهل يتم الآن إحلال الديمقراطية في هذين البلدين المسلمين؟

الواقع الذي ربما يصبح أليماً أن الديمقراطية المرتجاة لا تزال سراباً. وها هو العراق أبلغ – وأدمى – الأمثلة على ذلك. ما أتى به الإسلام في موضوع الحكم ينحصر في ثلاث كلمات: "وأمرهم شورى بينهم". هذا ما كان ولا يزال من ديمقراطية لبنان التوافقية بعد الطائف، كما لا يزال مثال الحاكم الإسلامي الديمقراطي بالإسم، أو "إمامة المسلمين" في دول عربية أخرى. وبعد انهيار الصيغة في تونس ومصر ومراوحتها في ليبيا وبعض الدول المشرقية، تلاشى عنصر الإستقرار، وراح كل من يحمل يافطة يعتقد أنه يفهم أكثر من رئيس البلاد، وأمسى الحق لأي مسلم أن يكفّر مسلماً آخر تبعاً لميوله أو مستويات ثقافته، فقامت نزوات الشارع  المتباينة تتحكم بأساليب الحكم.

في تونس، تحاول الحكومة الثالثة بعد رحيل بن علي الوقوف على قدميها. ولكن هيهات، فالحكومات باتت تؤلَّف، حتى من التقنوقراط، حسب ميول البغل الكبير الذي يسمونه الشارع. وكذلك الحال في مصر، فقبل تنحية مبارك كان أحمد شفيق يُعتبر الإداري الفذ والعسكري المتمرّس، لكن طغمة ميدان التحرير كان لها رأي آخر: لقد اشتمت منه رائحة مبارك فأسقطته لصالح من يوافق مزاجيتها، وإن إلى حين.

ويأتي الإعلام السريع والمتقدم ليغيّر المفاهيم القديمة: لكل مواطن رأيه المسموع في أمور الدولة حتى ولو كان يبيع الفول.  إنه جزء من ديماغوجية الشارع السطحية التي استبدلها الإعلام بديماغوجية الحاكم العامودية. الحكام الذين استأثروا بشاشات التلفزيون للإدلاء ببياناتهم المنمقة أصبحوا ضحية التهجمات الجريئة من محاورين يحاولون بناء شهرتهم. وقد يمضي وقت طويل قبل أن يتكيّف الحكام على هذا الوضع، وسيستمرون في السير على الحبال المتأرجحة.

أمام تردي الأوضاع في كافة المجالات، ينشر الإسلاميون لافتات "الإسلام هو الحل" تماماً كما تنتشر لافتات "التخفيضات" على أبواب المخازن الكاسدة. حركة "النهضة" في تونس والإخوان المسلمون في مصر يشمّرون لاقتسام الكعكة التي لن تشبع أحداً. الفريق الشبابي اليساري الذي أنتجته الثورتان هو لهما بالمرصاد، يذكرهما أن عصر الكومبيوتر والفايسبوك يختلف عن عصر أبي هريرة وأبي الدرداء. الإخوان تداركوا هذا الواقع ويحاولون فتح "فرع" شبابي جديد تكون مهمته التوفيق بين "السلف الصالح" والإنترنيت الكالحة.

لكنه، بعد إسقاط "الرؤساء الخونة والعملاء"، سيستفيق الناس على ألم في المعدة سببه الجوع. وسيكتشفون الفارق بين "الدكتاتورية المُشبِعة" والديمقراطية الجائعة. بعد أيام من تحقيقه انتصار العرب الأول على إسرائيل وعبوره القناة، قامت تظاهرة "مليونية" في ميدان التحرير نفسه تسائل أنور السادات: "يا بطل العبور... أين الفطور؟". وفي تصورنا أن هذا الميدان، وكذلك ميادين تونس، ستشهد في الشهور المقبلة تظاهرات أكثر حدة، فتيلها الإرباك الإقتصادي القاتل الذي سببته ديمقراطية الشارع المتسكعة. 

Partager cet article
Repost0

commentaires